من تفسير وتأملات
الآباء الأولين
رسالة يوحنا الأولى
القمص تادرس يعقوب ملطي
كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج
مقدمة
رسائل يوحنا الثلاث
نسبت الكنيسة الأولى الرسائل الثلاث إلى يوحنا
الحبيب تلميذ ربنا يسوع، ويلاحظ وجود تشابه بين هذه الرسائل وبعضها البعض.
فتتشابه الرسالتان الأولى والثانية من جهة:
1. غاية كتابتهما، وهو أن يكون فرحنا كاملاً (١ يو
١: ٤؛ ٢ يو ١٢).
2. تتركزان حول وصية "المحبة" التي يلزم أن تترجم
إلى سلوك عملي في حياتنا كأولاد للَّه.
3. هذا السلوك العملي الذي يلازم الإيمان المستقيم
يفرز أولاد اللَّه الثابتين في النور وأولاد إبليس الماكثين في الظلمة
والرافضين الابن، سواء من جهة الإيمان به عقيديًا، أو رفض عمله في حياتهم
العملية.
وتتشابه الرسالتان الثانية والثالثة من جهة الأسلوب.
ويمكنك إدراك هذا بمقارنة العبارات التالية:
ع ١ من الرسالة ٢ مع ع ١ من رسالة ٣.
ع ٤ من الرسالة ٢ مع ع ٣-٤ من رسالة ٣.
ع ١٢ من الرسالة ٢ مع ع ١٣-١٤ من رسالة ٣.
رسالة يوحنا الأولى
كاتب الرسالة
اتفقت الكنيسة الأولى على نسبة هذه الرسالة إلى
القديس يوحنا الحبيب. وهي تتفق مع إنجيله في كثير من العبارات في الفكر
اللاهوتي.
ونلاحظ أن الرسول جاء في الرسالة باختصار بما أورده
في الإنجيل، وكأنه افترض في القارئ أن يكون قد سبق له قراءة الإنجيل.
هذا ولم يذكر الرسول اسمه، ولا افتتحها بمقدمة، ولا
أنهاها بإهداء سلام خاص للمرسل إليهم، لكنها جاءت في صيغة رسالة موجهة من أب
وقور نحو أولاده المحبوبين إليه جدًا والمرتبطين به في علاقات روحية قوية.
وبهذا فهي أشبه بنشرة رعوية دينية موجهة إلى المسيحيين عامة.
مكان كتابتها وزمانها
1. كتبت في أفسس.
2. كتبها في أواخر القرن الأول تقريبًا، بعد خراب
أورشليم حيث انتهت الأمة اليهودية، لهذا لم يذكر الاضطهادات التي أثارها اليهود
ضد المسيحيين، وإنما ذكر المقاومة التي أثارها أصحاب البدع.
ظروف كتابتها
مع نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني ظهرت بعض
البدع التي تدور حول شخصية السيد المسيح. وأساس هذه البدع قائم على وجود إلهين
إله الخير خالق الروح، وإله الشر وهو موجد المادة، لأن المادة في نظرهم شر، ولا
يمكن للَّه أن يخلق شرًا. على هذا الأساس لا يمكن للرب أن يأخذ جسدًا حقيقيًا
لأن الجسد شر، بل أخذ جسدًا خياليًا، فترآى للناس كأنه جاع وعطش وأكل وشرب وصلب
ومات الخ.
يفسد هذا الفكر الغنوسي نظرة الإنسان للمادة
والجسد، لهذا انبرت الكنيسة الأولى تؤكد المفهوم المسيحي تجاه المادة والجسد
على أنهما صالحان من حيث كونهما خلقة اللَّه، والإنسان بشره يفسدهما.
يشوه هذا الفكر محبة ربنا لنا، الذي أحبنا وشابهنا
في كل شيء ماخلا الخطية. وهو يناقض نصوص الكتاب المقدس، ويهدم جوهر الفداء
القائم على خلاصنا بدم المسيح المسفوك على الصليب.
غاية كتابتها
ذكر الرسول في رسالته أربع غايات لكتابتها وهي:
1. لكي يكون فرحنا كاملاً (١ يو4:1).
2. لكي لا نخطئ (١ يو 1:2).
3. لنتجنب المضللين (١ يو 26:3).
4. لكي نعلم أن لنا حياة أبدية، ويكون لنا ثقة فيه
(١ يو 5: 13-١٤).
موضوع الرسالة وأقسامها
الأصحاح الأول: التجسد الإلهي وغايته وأثره فينا
كمؤمنين به ص 1.
الأصحاح الثاني: إيماننا بالإله المتجسد والحب
للَّه ولإخوتنا.
الأصحاح الثالث: أحبنا اللَّه فوهبنا البنوة، فما
هي مسئوليتنا؟
الأصحاح الرابع: كيف نحب بحكمة فلا ننخدع
بالمبتدعين؟
الأصحاح الخامس: إمكانيات إيماننا بالرب المتجسد.
تذييل
v توجد عبارات يونانية انفردت بها الرسالة
وإنجيل يوحنا وحدهما منها "يرفع الخطية" (يو 1: 29، 1 يو 3: 5)، "له خطية" (يو
15: 22، 1 يو 1: 8)، "يحفظ الوصايا" (يو 14: 15، 1 يو 3: 24 الخ.)
v يتشابه الإنجيل والرسالة في الفكر
اللاهوتي مثل:
1. أرسل اللَّه ابنه الوحيد ليرفع خطايا العالم (يو
1: 29؛ 3: 16؛ 1 يو 3: 5).
2. الكلمة كان عند اللَّه منذ الأزل (يو 1: 1-2؛ 1
يو 1: 1-2).
3. يهب تجسد الكلمة حياة للمؤمنين به (يو 1: 14،
10: 10؛ 1 يو 4: 2، 9).
4. ينتقل المؤمن بالمسيح من الموت إلى الحياة (يو
5: 24؛ 1 يو 3: 14).
5. دُعي إبليس أبًا للخطاة والكذابين (يو 8: 44؛ 1
يو 3: 13؛ 4: 5-6).
6. المحبة هي أهم سمات المؤمن (يو 13: 34-35؛ 15:
12، 17؛ 1 يو 2: 7-11؛ 3: 10-11، 14، 16، 23؛ 4: 7، 11).
القمص تادرس يعقوب ملطي
|