من تفسير وتأملات
الآباء الأولين
رسالة بطرس الثانية
القمص تادرس يعقوب ملطي
كنيسة الشهيد مار
جرجس باسبورتنج
مقدمة
كاتب الرسالة
ثارت بعض الشكوك في أمر كاتب هذه الرسالة، وكما
يقول القديس إيرونيموس أن هناك قلة تشككوا من جهة كاتبها بسبب الاختلاف
في الأسلوب والصياغة بين الرسالتين، غير أنه عاد فأكد أنها للرسول بطرس وحسبها
ضمن رسائل الكاثوليكون في رسالته إلى Paulinius،
موضحًا أن سرّ الاختلاف بين الرسالتين هو اختلاف المترجمين. وفيما يلي
الأدلة على صحة نسبتها للرسول.
أولاً: حاول بعض الكتاب أن يحصوا عدد الكلمات
اليونانية المشتركة بين الرسالتين فوجدوا:
أن 369 كلمة استخدمت في الرسالة الأولى دون
الثانية،
230 كلمة استخدمت في الثانية دون الأولى،
100 كلمة استخدمت في الرسالتين.
ونلاحظ الآتي:
أ. 6/1 الكلمات مشتركة بين رسالتين صغيرتين ليس
بالدليل الكافي للتشكيك، بل بالعكس هي نسبة ليست بالقليلة.
ب. يجهل الرسول بطرس اليونانية، فمن ترجم له الأولى
خلاف من ترجم الثانية.
ج. اختلاف موضوع الحديث والهدف يقلل من وجود كلمات
مشتركة.
ثانيًا: قبلتها الكنيسة الأولى، إذ يذكر
يوسابيوس المؤرخ أن القديس إكليمنضس السكندري اقتبس منها. ويؤكد كل من
القديس جيروم وFirmilians أسقف
قيصرية وتلميذ العلامة أوريجينوس أنها للقديس بطرس.
v اقتبس منها القديس إكليمنضس الروماني
الكثير.
v هناك كلمات أو عبارات وردت في كتابات
الآباء الرسوليين متناثرة لم ترد إلا في هذه الرسالة مثل: طريق الحق، لا
متكاسلين ولا غير مثمرين، ملكوت أبدي، الكلمة النبوية، معاين، الأسنى...
v تتشابه هذه الرسالة مع رسالة معلمنا يهوذا
بصورة واضحة كما سنرى.
ثالثًا: يتحدث الرسول بطرس بخصوص رسائل معلمنا
بولس الرسول في (3: 5، 16) مما يجعل البعض يرى أنها كتبت في تاريخ متأخر
بالنسبة لرسائل الرسول بولس.
والرد على هذا الاعتراض هو أن الرسائل كانت تنسخ
وتتناول بين الكنائس في الحال (كو4: 16). هذا مع وجود صداقة قوية بين الرسولين
مما جعل الرسول بطرس ملمًا برسائل زميله.
رابعًا: شهادة الكاتب نفسه إذ:
1. افتتح الرسالة بقوله "سمعان بطرس..."
2. دعا نفسه من جملة الرسل (1:1-3).
3. كان مع السيد المسيح في تجلّيه (1: 16-18).
4. أظهر أنه كتب رسالة سابقة (3: 1).
لمن كتبت؟
وجهها إلى نفس مسيحي آسيا الصغرى الذين وُجهت إليهم
الرسالة الأولى، إذ يقول لهم: "هذه أكتبها إليكم رسالة ثانية..." (2 بط
3: 1).
تاريخ كتابتها
كتبت في أواخر حياته، كما يظهر من قبوله: "عالمًا
أن خلع مسكني قريب" (2 بط 1: 14). أي ما بين سنة 64 و68م.
أسبابها
1. إذ أعلن الرب له عن انتقاله بعث إلى أولاده
وصيته الوداعية ليحدثهم عن أثمن اشتياقات قلبه: "ملكوت السماوات ومجيء الرب
الثاني".
2. انتظار الملكوت السماوي يدفع المؤمن إلى حياة
القداسة ورفض البدع.
تشابه الرسالة مع رسالة يهوذا
أولاً: تتشابه الرسالتان بصورة كبيرة، خاصة
فيما ورد في الأصحاح الثاني كما يبدو مما يأتي:
1. المعلمون الكذبة 2 بط 1: 1-3 يه 4.
2. هلاك الملائكة الأشرار 2 بط 2: 4 يه 6.
3. هلاك سدوم وعمورة 2 بط 2: 2 يه 7.
4. الفساد والافتراء على ذوي الأمجاد 2 بط 2: 10-12
يه 8-10.
5. ولائم المعلمين وتنعمهم 2 بط 2: 13 يه 12.
6. إتباع طريق بلعام 2 بط 2: 15 يه 11.
7. حفظ الهراطقة للظلام 2 بط 2: 17 يه 13.
8. التكلم بعظائم 2 بط 2: 18 يه 16.
9. التذكير بأقوال الرسل 2 بط 3: 1-3 يه 17-18.
ثانيًا: هذا التشابه في صورته القوية الذي
تُعدى حدود المعنى والهدف إلى الأسلوب والكلمات عينها أثار كثير من الفروض بين
الباحثين منها:
1. أن يكون أحدهما اعتمد على الآخر، فالبعض نادى
بأن بطرس اعتمد على رسالة يهوذا، والبعض نادى بالعكس.
2. قال البعض أن الأصحاح الثاني من رسالة بطرس
الثانية حتى العدد الثاني من الأصحاح الثالث قد أضيف فيما بعد إلى أصل الرسالة
معتمدًا على رسالة يهوذا، وأن الباقي من الرسالة هو جوهرها ومضمونها الحقيقي.
لكن هذا الرأي لم يجد من يؤيده لأن هذا الجزء (2 بط 2: 1-3: 2) الإنتقال إليه
ومنه إنتقال طبيعي، وفي حذفه لا تكون الرسالة كاملة في ثوبها. هذا مع وحدة
الأسلوب في الرسالة كلها بلا تمييز يعلن خطأ هذا الافتراض.
3. جاءت كثير من العبارات في رسالة يهوذا موضحة لما
ورد في رسالة بطرس الثانية. هذا وأن الرسول بطرس استخدم صيغة المستقبل بينما
يشير يهوذا عنها كحقيقة حادثة، أي أن الأولى (2 بط) سبقت الثانية (يهوذا).
كما جاء في يهوذا أن الرسل تنبأوا عن هذه الأمور
(يه 17-18)، وربما قصد من بينهم الرسول بطرس بما كتبه في هذه الرسالة.
غير أن استخدام الرسول يهوذا بعض مصطلحات للرسول
بولس لم يستخدمها الرسول بطرس مثل: المدعوين (يه 1)، القديسين (يه 3)، نفسانيون
(يه 9)، جعل البعض ينادي بأن الرسول يهوذا لم يقتبس رسالته من رسالة الرسول
بطرس وإنما جاء التشابه نتيجة وحدة الظروف والهدف ووحدة الزمن تقريبًا.
أقسام الرسالة
1. ملكوت السماوات الأصحاح الأول.
2. ظهور المعلمين الكذبة الأصحاح الثاني.
3. مجيء المسيح الثاني الأصحاح الثالث.
|